من يحمي الصحافي لو أراد الحصول على معلومة صعبة؟

الصحافة ومتاعبهــا

من يحمي الصحافي لو أراد الحصول على معلومة صعبة؟

سجاد عدنان - تاريخ النشر : 2024-10-07 18:26:35

من يحمي الصحافي لو أراد الحصول على معلومة صعبة؟للوهلة الأولى ستعتقد أنك في دولة بلغت من الديمقراطية ما لم تصل إليه بلدان متقدمة فور سماعك بقانون يحق فيه للصحفي وللمواطن العادي مقابل رسوم مالية بسيطة أن يحصل على أي معلومة يريدها من المؤسسات الحكومية بداعي الشفافية وكشف الأوراق أمام المواطن ليرى مسار أموال العراق أين ذاهب.



وما أن تحصل على النسخة المعدلة في 2024 كون القانون تم تقديمه في عام 2013 سيتبين أن القانون لغم سياسي سينفجر بوجه من يريد أن يحصل على معلومات حكومية ستصل عقوبتها للحبس مدة سنة وغرامات مالية بحسب المادة 16 من القانون.



انتقادات شعبية واكاديمية تطال القانون لعل أبرزها تلك الموجهة للقانون أنه قد يسمح للسلطات بحجب معلومات حيوية مثل العقود الاقتصادية والعطاءات العامة، مما يُضعف الشفافية ويزيد من السرية، وهو ما يراه النقاد تهديدًا لحرية الصحافة ولحق المواطنين في المعرفة.



انتقادات نيابية



وانتقدت عضو مجلس النواب نور نافع، قانون حق الحصول على المعلومة بمحتواه الحالي، فيما أكدت أن القانون يحوي الكثير من الثغرات التي تعيق عمل الصحفي.



وقالت نافع، إن "الصحفيين يحتاجون لقانون خاص يتيح لهم ممارسة أعمالهم بحرية دون تقيد والاستعلام عن ابسط الامور واهمها"، مشيرةً إلى أن "القانون الحالي يحتوي ثغرات ستقيد عمل الصحفي ويجب أن تعالج قبل مناقشته وإقراره".



وتابعت أن "هكذا نوعية من القوانين يجب أن تكون نتائجها جيدة وتمنح الصحفيين ميزات خاصة تؤهله من الحصول على مصادر لعمله بكل سهولة"، لافتة إلى أن "ما وجدناه في القانون سيحجم من عمل الصحفي ويمنعه من الحصول على معلومات في عدد كبير من دوائر الدولة".



فقرات القانون



يعطي القانون الموظف المختص صلاحية رفض تزويد معلومات حول الممتلكات الحكومية من أسهم وأموال منقولة وعقارات، فضلًا عن الصفقات والمناقصات التي تنوي الجهة المعنية عقدها.



وحددت المادة 16 من القانون عقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، على كل من نشر المعلومات غير مرخصة، أو امتنع عمدًا عن تقديم المعلومات، إلا إذا كانت الأسباب معقولة ومقنعة.



حماية الصحفي



أشار الصحافي والباحث في العلوم الإنسانية، أيسر الحمداني، إلى أن "قوانين حصول الصحفيين على المعلومة في أغلب بلدان العالم تضمن حماية الصحفي من الاغتيال أو تعرضه للخطر بعد أن يتمكن من حصوله على المعلومة ونشرها"، موضحاً أن "في بلدٍ مثل العراق تجد أن هذه المادة مفقودة ولا توجد أي ضمانات لحماية حياة الصحفي".



وأكمل الحمداني أن "كثير من الزملاء الصحفيين عندما يحصل على معلومات تخص جهات حزبية لديها أذرع مسلحة يحاول نشرها باسم مستعار خشية منه على حياته وحياة أفراد أسرته".



ناهيك عن "أحكام قانون حق الحصول على المعلومة من خلال توفير فقرات تنص على حماية الصحفي وفق ضمانات حقيقية فور نشره مواد باسمه الصريح في مصاف الصحفيين الاستقصائيين كون الصحفيين يسعون إلى الشهرة ليكون مرغوب بهم في العمل بالمؤسسات الصحفية المهمة".



قانونياً



الخبير القانوني علي التميمي، أكد ضرورة تعديل القانون في القراءتين الأولى والثانية في مجلس النواب ليتماشى مع حماية حياة الصحفي من الخطر أكثر من حصوله على المعلومة.



ويقول التميمي إن "مشروع قانون حق الحصول على المعلومة أُشبع نقاشاً لكنه لم يتطرق إلى حماية حياة الصحفي في ظل الاغتيالات التي تحدث للصحفيين في العراق، مشيراً إلى أن "ارواح المواطنين العراقيين في القانون العراقي تعد الأهم والأولى من كل القوانين الوضعية".



ويتابع أن "القانون الحالي ليس بصيغته النهائية وسيتم التعديل عليه كونه خاضع للنقاشات وإمكانية تعديله كبيرة مع الضغط الأكاديمي والجهات المختصة".



وقُوبلت مساعي مجلس النواب العراقي لإقرار قانون “حق الحصول على المعلومة” الذي قدمته الحكومة بموجة رفض واسعة، من خلال رسالة حملت تواقيع أكثر من 465 جهة شملت منظمات وشخصيات وناشطين.



ويثير هذا القانون قلقًا بين المنظمات غير الحكومية والمجتمع الصحفي بسبب غياب إشراكهم في مناقشة مواده، ويُخشى أن يؤدي إلى تقييد حرية التعبير، التي لا تزال تواجه تهديدات رغم الجهود المبذولة منذ عام 2003.



ومنذ أكثر من عشر سنوات، يطالب الصحافيون العراقيون بقانون يضمن لهم العمل بحرية من دون التعرض للمساءلة القانونية أو التهديدات التي تصل إليهم من مسؤولين وجماعات مسلحة وأحزاب، وينص على إمكانية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية أو شبه الرسمية، إضافة إلى ضمان حرية التحرك والدخول إلى مؤسسات الدولة، سواء التي تُثار حولها شبهات الفساد أو تلك التي تحتوي على سجلات وملفات تخدم المواد الصحافية.



لكن جهود الصحافيين لم تنجح، بل إن كتلاً برلمانية في مجلس النواب العراقي سعت إلى الاحتيال على مسودة القانون لأجل منع وصول المعلومات إلى الصحافة، فيما تستمر اتحادات وتجمعات وتحالفات المنظمات المعنية بحرية العمل الصحافي بتنظيم الحملات الإعلامية والمسيرات من أجل إجبار السلطات على سنّ القانون بعيداً عن تلاعب الأحزاب به.



وفي يونيو/حزيران العام الماضي، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة. وقال السوداني، في الاحتفال الرسمي الذي أقامته نقابة الصحافيين العراقيين بمناسبة العيد الـ154 للصحافة في البلاد، إنه "وجّه بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتقديم الملاحظات بشأنه، من أجل إرساله إلى مجلس النواب".



لكن هذا الإعلان لم يطمئن الصحافيين، بل تخوف بعضهم من احتمال إقرار قانون لا يناسب تطلعات العاملين في قطاع الإعلام والصحافة، خصوصاً مع وجود أحزاب داخل البرلمان العراقي لا تسمح بحرية الصحافة خشية من فضح عمليات فساد كبرى جرت في البلاد خلال العقدين الماضيين.



مؤخراً، أعلنت مجموعة من المنظمات غير الحكومية والحقوقية الوطنية والدولية الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد جملة من التوصيات بخصوص قانون "حق الحصول على المعلومة". وذكرت، في بيان مشترك، أنها "ترى الصيغة الحالية للقانون تحتاج إلى تعديلات جوهرية لضمان توافقها مع المعايير الدولية والدستور العراقي، وكذلك لتلبية تطلعات الشعب العراقي في الحصول على المعلومات بشكل حر وشفاف".



وأضافت أن بعض المواد المقترحة "قد تفضي إلى تعزيز ممارسات السرية وتقويض الشفافية، ما يزيد من خطر الفساد ويضعف من دور المؤسسات في تعزيز سيادة القانون". كما حددت النصوص التي تحتاج إلى تعديل قبل تشريع القانون، ومنها "المادة 1، ثانياً"، وأشارت إلى أنه "يجب أن ينص القانون على أن الالتزامات بموجب قانون حق الحصول على المعلومة تنطبق على جميع الهيئات العامة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) على المستويين الوطني والمحلي، بما في ذلك هيئات الدفاع والأمن، وكذلك الهيئات الخاصة التي تتلقى تمويلات عامة".



وفي اعتراضها على المادة الثالثة من القانون، شددت على أنه "يجب إعطاء دائرة المعلومات الصلاحيات الكاملة لتكون الجهة الرقابية المسؤولة عن حسن إنفاذ القانون، مع تمتعها بضمانات الاستقلالية وتوفير الموارد البشرية والمالية التي تمكنها من القيام بدورها بفعالية". وعن المادة الرابعة، فقد أوصت بتعديلها من أجل "تكريس الحق لكل شخص طبيعي أو معنوي، سواء كان عراقياً أو أجنبياً، لضمان شمولية وفعالية القانون".



كما أوصت بمراجعة المادة 11 بالكامل "بحيث تُستثنى فقط المعلومات التي يمثل الكشف عنها ضرراً بمصلحة مشروعة، ويجب أن يكون الضرر المحتمل من الكشف عن المعلومة أكبر من الضرر الناجم عن التعتيم عليها، بالإضافة إلى ضمان الطعن على قرارات رفض الحصول على المعلومة ضمن المادة 14، ويجب ضمان الحق في الطعن على قرارات رفض الحصول على المعلومة على ثلاث درجات (داخلياً ضمن كل هيكل، وأمام هيئة أو دائرة مستقلة، وأمام هيئة قضائية لضمان الحماية الكاملة لحق الوصول إلى المعلومات)".



التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr



 

المصدر: بغداد ـ سجاد عدنان

مقالات ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS